الثلاثاء، 7 أكتوبر 2025

عندما يزور الجاهل يصدقه الأحمق

الوثيقة التي تظهر في الصور المرفقة هي وثيقة مزورة شهيرة تُنسب زورًا إلى الملك عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية. تدعي أنها رسالة موجهة إلى السير بيرسي كوكس، المفوض السامي البريطاني في الخليج آنذاك، حيث يُزعم أن الملك عبد العزيز يوافق على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين مقابل دعم بريطاني لتوحيد المملكة.

 هذه الوثيقة تُستخدم في حملات إعلامية معادية لتزييف التاريخ وتشويه دور السعودية في القضية الفلسطينية.

 من أصدرها ومتى؟

المُصدر الحقيقي للوثيقة هو مزور، ولم يصدرها الملك عبد العزيز أو أي جهة رسمية سعودية. يُعتقد أنها صُنعت من قبل دعائيين معادين للسعودية.

ربما في سياقات سياسية متأخرة، وقد نسبت إلى فلسطيني يُدعى "عبد المجيد حمدان" كمُزوِّر رئيسي في بعض الروايات. 

أما تاريخ الانتشار الواسع، فيعود إلى عام 2018، وتكرر في 2019 و2023، خاصة على تيك توك وإكس (تويتر سابقًا)، مع ملايين المشاهدات من حسابات معادية. 

نشرتها شخصيات مثل الإعلامي السوري جمال ريان، الذي وُصف بـ"الخائن بالوراثة" لتكرار نشرها رغم إثبات تزويرها.

 تاريخ الوثيقة المزعوم

تدعي الوثيقة أنها صدرت في 2 جمادى الآخرة 1338 هـ، الموافق 2 ديسمبر 1919 م، خلال "مؤتمر العقير"، وأنها موقعة بختم الملك عبد العزيز. ومع ذلك، لا تحمل تاريخًا صريحًا في نصها، وهذا يتعارض مع عادة الملك في توثيق مراسلاته بدقة.


 أدلة التزوير

الوثيقة تفضح نفسها بعدة أخطاء تاريخية وفنية واضحة، مما يثبت تزويرها بسهولة حتى للمبتدئين في التاريخ. 

شكل الختم في الوثيقة دائري، بينما كان ختم الملك عبد العزيز بيضاويًا دائمًا، وهذا خطأ فني أساسي يُعرف حتى من قبل المتخصصين في الوثائق التاريخية. 

السياق التاريخي يتناقض تمامًا، إذ كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني الرسمي منذ 1920 بعد مؤتمر سان ريمو، 

لم يكن الملك عبد العزيز يملك أي سلطة عليها في 1919، 

كما أن بيرسي كوكس كان في الخليج لا في فلسطين أثناء مؤتمر العقير. 

أسلوب الكتابة والتنسيق يختلفان تمامًا عن أسلوب مراسلات الملك عبد العزيز الرسمية، التي كانت موجزة ومباشرة وتحمل توقيعات واضحة، بينما تبدو هذه الوثيقة مصممة للدعاية لا للتوثيق. 

هناك تناقضات حسابية وتاريخية، مثل ادعاء التوقيع في مؤتمر العقير عام 1922 بتاريخ 1919، مما يدل على جهل المزورين بالأحداث، بالإضافة إلى موقف الملك الموثق في محاضر لقائه برووزفلت عام 1945 والأمم المتحدة، حيث رفض تمامًا وطنًا يهوديًا في فلسطين ودعم القضية الفلسطينية. 

لا توجد أي إشارة إليها في الأرشيف السعودي أو البريطاني، وأكدت الوثائق الأمريكية والأممية موقف الملك المعاكس. 

هذه الأدلة تجعل الوثيقة "أكذوبة تاريخية" تُستخدم لأغراض سياسية لتشويه تاريخ السعودية، رغم دعمها التاريخي الثابت لفلسطين، مثل رفض قرار التقسيم عام 1947 ودعم المليارات للاجئين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام