في العهد التركي العثماني المملوكي كان المصريون يسمون في الوثائق الرسمية «العبيد»، وظل هذا الاسم يلصق بهم في عهد محمد علي وخلفائه الأوائل، فعندما أصدر محمد علي قانون «السياسة نامة»، وهو أول قانون نظامي يصدر في مصر، خاطب فيه المصريين ووصفهم بأنهم عبيد». ولما شكل مجلس الشورى نص في أمر تشكيله على أنه يتألف من: «ذوات مقدار الكافي يصير انتخابهم من العبيد» الذين مجربين الأطوار وأصحاب قابلية ولياقة ومفهومية لدى ولي الأمر.
وكانت القوانين في عهد محمد علي تعكس استبداده، فالاستبداد يمكن أن يقنن هو الآخر، ولذلك كانت قوانين محمد علي تعاقب الفلاح الذي يكذب على الحكام، وشيخ البلد الذي يهرب من بلده عند قدوم الحاكم إليها، والزارع الذي يهمل حرث أرضه وزرعها أو الذي لا يدفع المال بمجرد طلبه، أو لا يجيب طلب رسول الحكام بالشخوص معه إليهم، وكانت العقوبة هي الضرب بالكرباج من عشرة إلى خمسمائة جلدة والنفي إلى فازوغلي بالسودان أو إلى الليمان أو الإعدام.
وفي الفصل الثالث من قانون السياسة نامة، أورد القانون شروط أهلية المستخدمين والموظفين في الحكومة، فنص على أن من خالف شروط العبودية فيلزم أن يجازوا بالجزاء اللائق بهم، لأجل أن يكون تأديبا لهم وعبرة لغيرهم.
ومن أجل الحفاظ على حق العبيد»، قاوم الوالي عباس باشا الأول بشدة رغبة السلطان العثماني في أن تطبق على مصر التنظيمات العثمانية، ومن بينها أن يكون حق القصاص مقصورًا على السلطان وحده، فقد رفض عباس وجادل وادعى أن له حق القصاص وأن حقه غير مقيد بإذن السلطان، وهدده السلطان فلم يذعن فأرسل إليه في عام ١٨٥٢ فؤاد أفندي ـ أحد رجال السياسة في الآستانة - ليقنعه بأن الحكم بالإعدام يجب أن يصدر من مجلس ينعقد بحضور قاضي مصر ـ وكان تركيا ـ ولا ينفذ إلا بعد أن يصدق عليه السلطان وانتهت المفاوضات بإطلاق يد عباس في القصاص لمدة سبع سنوات على أن يُعرض على مجلس عال قبل التنفيذ لإقراره إلى هذا الحد قاوم عباس أي محاولة من شأنها أن تراجع إرادته في التصرف مع من يخرجون عن شروط العبودية من أهالي مصر، لذلك كان طبيعيًا أن تصدر أعجب الأحكام في تاريخ القضاء في تلك المرحلة من حكم محمد علي وخلفائه. فقد حدث في عهد عباس باشا أن دخنت إحدى السيدات سيجارة في داخل الحريم، فاعتبر عباس التدخين في داخل حريمه جريمة، وأمر بأن تُخاط شفتا هذه السيدة عقابًا لها وقد كان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام